من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا} - إلى آخر السورة، أعقب ذلك بالقسم به وعضد الثناء عليه فقال {حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم} ولما أوضح عظيم حال الكتاب وجليل نعمته به، أردف ذلك بذكر سعة عفوه وجميل إحسانه إلى عباده ورحمتهم بكتابه مع إسرافهم وقبيح مرتكبهم فقال:{أفنضرب عنكم الذكر صفحاً أن كنتم قوماً مسرفين} ولما قدم في الشورى قوله {لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً} فأعلم أن ذلك إنما يكون بقدرته وإرادته، والجاري على هذا أن يسلم الواقع من ذلك ويرضى بما قسم واختار، عنف تعالى في هذه السورة من اعتدى وزاغ فقال {وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلاً ظل وجهه مسوداً وهو كظيم} فكمل الواقع هنا بما تعلق به، وكذلك قوله تعالى {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض} وقوله في الزخرف {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة} إلى آخره - انتهى.