أي الملك الأعظم الذي لا خير إلا منه فيصدق في إيمانه من كان كاذباً ويقوى في الدين من كان ضعيفاً، فلا يطلب لذلك دينه دواء ولا لمرض قلبه شفاء في غير القرآن، فإن ذكر الله يجلو أصداء القلوب ويصقل مرائيها.
ولما كان الذكر وحده كافياً في الخشوع والإنابة والخضوع لأنه مجمع لكل رغبة ومنبع لكل رهبة، وكان من الناس من لا نفوذ له فيما له سبحانه من الجلال والإكرام قال:{وما نزل} أي الله تعالى بالتدريج - على قراءة الجماعة بالتشديد، وما وجد إنزاله من عند الله على خاتم رسله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قراءة نافع وحفص عن عاصم ورويس بخلف عنه عن يعقوب بالتخفيف {من الحق} أي من الوعد والوعيد والوعظ وغير ذلك على نبيكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من القرآن إشارة إلى أن غير هذا الذكر دخله الدخيل، وأما هذا فثابت ثباتاً لا يقدر أحد على إزالته.
ولما كان للمسابقة والمنافسة أمر عظيم في تحريك الهمم لأهل الأنفة وأولي المعالي قال:{ولا يكونوا كالذين} ولما كان العلم بمجرده كافياً في إعلاء الهمة فكيف إذا كان من عند الله فكيف إذا كان بكتاب، إشارة إلى ذلك بالبناء للمجهول فقال:{أوتوا الكتاب} أي لو كان الإتيان من عند غير الله لكان جديراً بالهداية فكيف وهو من عنده. ولما كان إنزال الكتب لم يكن إلا على بني إسرائيل