للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة: أن ابن عمر وأبا سعيد نقلا الإجماع بقولهما (كنا معاشر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدلعلى أن الاستثناء بالمشيئة في الطلاق غير معتبر ويقع به الطلاق. (١)

ونوقش: بأن هذا القول ليس قول كل الصحابة، وإنما قول لبعضهم كأبي سعيد وابن عمر فلا يكون إجماعًا. (٢)

وأجيب: بأنه على تقدير أنه قول لبعض الصحابة لكنه انتشر، ولايعلم له مخالف، فيعتبر إجماعًا سكوتي (٣)

ثانيًا: المعقول، وذلك من عدة أوجه:

الأول: أن تعليق الطلاق بمشيئة الله تعالى يرفع الطلاق كله كما لو قال أنت طالق ثلاثًا إلا ثلاثًا والاستثناء الذي يرفع الطلاق كله لايصح. (٤)

الثاني: أن تعليق الطلاق بمشيئة الله تعالى استثناء حكم في محل، فلم يرتفع بالمشيئة، كما لو قال أبيعك هذه السلعة إن شاء الله فيقع البيع أو زوجتك هذه المرأة إن شاء الله فيقع النكاح فكذلك لو قال أنت طالق إن شاء الله لأنه تعليق حكم في محل، فالمحل في البيع السلعة وفي النكاح المرأة وفي الطلاق زوجته المطلقة. (٥)

الثالث: أن تعليق الطلاق بمشيئة الله تعالى إزالة ملك، فالزوج يزول ملكه عن زوجته وإزالة الملك لايصح أن تتعلق بمشيئة الله وعليه فلا يصح تعليق الطلاق بمشيئة الله لكن يقع الطلاق كما لو قال لمن عنده أبرتك إن شاء الله عن الدَّين الذي لي فهذا لايصح ويقع الإبراء (٦). فلم يصح تعليقه على مشيئة الله، كما لو قال: أبرأتك إن شاء الله،

الرابع: أن تعليق الطلاق بمشيئة الله تعالى تعليق على شيء لايُعلم إلا بعد وقوع الطلاق فكأنه علقه على أمر مستحيل وهذا لايصح. (٧)


(١) انظر: «المغني» (١٠/ ٤٧٣)
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.
(٤) المصدر السابق.
(٥) انظر: «المغني» (١٠/ ٤٧٣) «كشاف القناع»، (٥/ ٣١١)
(٦) انظر: «المغني» (١٠/ ٤٧٣)
(٧) المصدر السابق

<<  <   >  >>