للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة: أن معاوية حبس هدبة بن خشرم في قصاص حتى بلغ ابن القتيل وكان ذلك في عصر الصحابة ولم ينكر فكان كالإجماع السكوتي. (١)

ونوقش:

بأنه إذا قيل: لماذا لايخلى سبيل القاتل قياسًا على إخلاء سبيل الذي لايستطيع سداد دينه.

وأجيب.

أ - أن في تخلية القاتل تضييعًا للحق، فإنه لا يؤمن هربه.

ب - هناك الفرق بين القاتل وبين المعسر من وجوه:

أولًا: أن قضاء الدين لا يجب مع الإعسار، فلا يحبس بما لا يجب، والقصاص هاهنا واجب، وإنما تعذر المستوفي.

ثانيًا: أن المعسر إذا حبسناه فيتعذر الكسب لقضاء الدين، فلا يفيد، بل يضر من الجانبين، وها هنا الحق نفسه يفوت بالتخلية لا بالحبس.

ثالثًا: أن القاتل قد استحق قتله، وفيه تفويت نفسه ونفعه، فإذا تعذر تفويت النفس لمانع جاز تفويت نفعه لإمكانه، ولو كان القود لحي في طرفه لم يتعرض لمن هو: عليه، فإن أقام كفيلا بنفسه ليخلي سبيله لم يجز; لأن الكفالة لا تصح في القصاص كالحد. (٢)

ثانيا: المعقول وذلك من وجهين.

الأول: أن فيه حظًا للقاتل بتأخير قتله وحظا للمستحق بإيصاله إلى حقه.

الثاني: أنه يستحق إتلاف نفسه ومنفعته، فإذا تعذر استيفاء النفس لعارض بقي إتلاف المنفعة سالما عن المعارض (٣).


(١) انظر: «معونة أولى النهى» (١٠/ ٢٦١)
(٢) «المغني» (١١/ ٥٧٧)، «المبدع في شرح المقنع» (٧/ ٢٢٤)
(٣) «المبدع في شرح المقنع» (٧/ ٢٢٤)

<<  <   >  >>