للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كعب، بل مثل كل قول، وإنما احتج بقوله: {فَسَيَرَىَ اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والمُؤمِنُونُ} فهو نص في أن لهم عملاً يجازون عليه بالثواب أو العقاب.

قوله: ((وقالت عائشة: إذا أعجبك حسن عمل امرئ فقل: {فَسَيَرَىَ اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والمُؤمِنُونُ} ، ولا يستخفنك أحد)) .

مقصوده: أن العمل يضاف إلى العامل فعلاً له، مثل الصلاة، والقراءة، والصوم، والحفظ، وهو مخلوق؛ لأنه عمل مخلوق.

أما الأمر بالصلاة والصوم فهو من الله، وليس بمخلوق.

وكذا القراءة هي فعل القارئ وفعله مخلوق، وما يقرؤه ليس مخلوقاً، بل هو كلام الله تعالى.

ومعنى قولها: ((ولا يستخفنك أحد)) أي: لا تغتر بعمل أحد يظهر لك منه الخير والصلاح، فتثني وتمدح، فإنه عرضة للانتكاس، ما لم تره واقفاً عند حدود الشرع، متأسياً بالأبرار، متبعاً لسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.

وقد روى المؤلف هذا الأثر مبسوطاً في كتابه: ((خلق أفعال العباد)) ، حيث قال: ((حدثني يحيى بن بكير، حدثني الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة – رضي الله عنهما -، وذكرت الذي كان من شأن عثمان بن عفان: ((وددت أني كنت نسياً منسياً، فوالله ما أحببت أن ينتهك من عثمان أمر قط إلا وقد انتهك مني مثله، حتى والله لو أحببت قتله، لقتلت، يا عبيد الله بن عدي، لا يغرنك أحد بعد الذي تعلم، فوالله ما احتقرت أعمال أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – حتى تهجم النفر الذين طعنوا في عثمان، فقالوا قولاً لا يحسن مثله، وقرءوا قراءة لا يحسن مثلها، وصلوا صلاة لا يصلى مثلها، فلما تدبرت الصنيع إذ هم والله ما يقاربون أعمال أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>