فعلى هذا لا يكون قوله:" ما أريد به وجهه" تأويلاً للوجه الذي هو صفة لله -تعالى-، بل هو من المعاني المستنبطة من الآية، كما يشير إليه سياق الآية، فإنه -تعالى- يقول:{وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {٨٧} وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (١) .
وأما قوله:" إلا ملكه" فهذا تأويل بعيد، وهو مخالف لصنعه هنا، حيث ذكر الآية ثم أتبعها بحديث جابر، وفيه قوله -صلى الله عليه وسلم-: " أعوذ بوجهك". فهذا ظاهر جداً في أنه أراد إثبات الوجه صفة لله -تعالى-.
ومما يدل على بطلان ذلك: أن الأشياء كلها ملك لله -تعالى-، فهل يجوز أن يقال: كل شيء هالك إلا كل شيء؟ بخلاف قوله: إلا ما أريد به وجهه، فإن هذا مما تدل عليه الآية عن طريق المفهوم - مع بقائها نصاً - في إثبات الوجه لله -تعالى- والله أعلم.