وحدثت هذه الضلالة أيضاً في آخر عهد الصحابة- رضي الله عنهم- ثم تطورت إلى الاعتزال.
وقد أغتر بهذا المبدأ كثير من الناس، الذين عجزت عقولهم عن استيعاب الإيمان بقدر الله، وأمره ونهيه، ووعده ووعيده، وظنوا امتناع الجمع بين ذلك، فنفوا علم الله بالمستقبل، لظنهم أنه لا يحسن أن يأمر من يعلم أنه يعصي أمره ثم يعذبه على ذلك، حيث جعلوا هذا ظلماً لا يجوز، فقابلتهم الجبرية، الذين هم صنو منهم، ثم تطورت إلى التجهم، والتعطيل، بتغذية اليهودية المفسدة في الأرض.
وأما الخوارج: فهم الذين خرجوا عن الحق من جيش أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وهم كذلك كان ظهورهم في آخر عهد الصحابة رضي الله عنهم. وهم إنما أتوا من سوء فهمهم للنصوص، ولم يقصدوا مخالفة القرآن، ولكن فهمهم أداهم إلى ما لم يدل عليه القرآن، وهو تكفير أهل الذنوب، والقول بخلودهم في النار، ولابد أنه اندس في صفوفهم من يضللهم من منظمات الموتورين، والحاقدين على دين الله وعباده المؤمنين.
وأما الإرجاء: فإنه وإن كان أخف هذه البدع، ومعتنقوه من أقربهم إلى أهل السنة، ففيه من الضلال والمخالفة لشرع الله تعالى ما هو معروف في مواطنه.
الأشعرية
من نتائج الافتراق والتشتت، برزت الأشعرية، وهي عبارة عن خليط من مذاهب عدة فرق، كالمعتزلة، والكلابية، والجهمية، وقد كان إمام هذه النحلة-أبو الحسن الأشعري- تلميذاً لأبي علي الجبائي، قرأ عليه أصول المعتزلة، ولازمه ما يقرب من أربعين عاماً، ولهذا كان خبيراً بمذاهب المعتزلة، ثم انتقل إلى طريقة
عبد الله بن سعيد بن كلاب، وهي أقرب إلى مذهب أهل السنة من طريقة