للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن الذين أنكروا رؤية الله - تعالى - اعتمدوا على شبه سموها براهين عقلية، وتعلقوا ببعض الأيات والأخبار، وهي في الحقيقة مبطلة لقولهم.

ومن أعظم الفرق إنكاراً لرؤية الله - تعالى - بالأبصار: المعتزلة، وبنوا إنكارهم لها على التشبيه المستكن في نفوسهم؛ لأنهم بنوا علمهم على الجدل، الذي أصله القياس المبني على تشبيه الغائب بالمشاهد، فإذا نظرت فيما ذكروه وجدت ذلك واضحاً في استدلالاتهم وتعليلاتهم إلى جانب التعصب للآراء.

قال عبد الجبار: ((قال أهل العدل بأسرهم، والزيدية، والخوارج وأكثر المرجئة: لا يجوز أن يُرَى الله - تعالى - بالبصر، ولا يدرك به على وجه، لا لحجاب ومانع، لكن لأن ذلك يستحيل)) (١)

١ - ثم استدل ((بأن الرؤية لا تصح إلا بحاسة البصر، والله لا يجوز أن يوصف بأن له حواس)) (٢) فالله عنده لا يَرى ولا يُرى - تعالى الله عن ذلك -.

٢ - ((ولأن البصر لا يصح أن يَرَى إلا ما كان مقابلاً، أو في حكم المقابل، وهذا لا يكون إلا للجسم ذي الألوان، وهو محال على الله)) (٣) .

٣ - ((ما يصح أن يُرى، لا يجوز أن يختص بصحة رؤيته بعض الرائين دون بعض، كما أن ما يصح أن يُعلم لا يجوز أن يختص بالعلم به بعض الأحياء دون بعض)) (٤) .


(١) ((المغني)) للقاضي عبد الجبار المعتزلي (٤/١٣٩) .
(٢) المصدر السابق (ص٣٦) .
(٣) المصدر السابق (ص١٤٠) .
(٤) المصدر السابق (ص٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>