للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قيام الرحم واستجارتها بالله من القطيعة ومعنى إضافة الحقو إلى الله تعالى]

فقال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك، قالت: بلى يا رب قال: فذلك لك)) .

ثم قال أبو هريرة: {فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلَّيتُم أَن تُفسِدُواْ فيِ الأرضِ وَتُقَطِعُواْ أَرحَامَكُم} .

((أل)) في الخلق تدل على الشمول، فهي عامة لجميع الخلق، ويدل عليه قوله: ((فلما فرغ)) أي: انتهى من خلق المخلوقات، وهو يدل على أن ذلك وقع في وقت محدد، وإن كان الله - تعالى - لا حد لقدرته، ولا يشغله شأن عن شأن، ولكن اقتضت حكمته أن يجعل لفعله ذلك وقتاً معيناً، وهذا من الأدلة على أن أفعاله تتعلق بمشيئته، فمتى أراد أن يفعل شيئاً فعله.

وليس معنى قوله: ((لما فرغ)) أنه تعالى انتهى من خلق كل شيء، بل مخلوقاته - تعالى - لا تزال توجد شيئا بعد شيء، ولكن سبق علمه بها، وتقديره لها وكتابته إياها، ثم هي تقع بمشيئته، فلا يكون إلا ما سبق به علمه، وتقديره وكتابته، وشاءه فوجد.

قال ابن أبي جمرة: (( (ظاهر الحديث: الإخبار بعظم ما جعل الله - تعالى - للرحم من الحق، وأن وصلها من أكبر أفعال البر، وأن قطعها من أكبر المعاصي)) (١) .

قوله: ((قامت الرحم، فقال: مه؟ قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة)) .

هذه الأفعال المسندة إلى الرحم، من القيام، والقول، ظاهر الحديث أنها على ظاهرها حقيقة، وإن كانت الرحم معنى يقوم بالناس، ولكن قدرة الله -


(١) ((بهجة النفوس)) (٤/١٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>