وأيضاً فعطف الأعمال على الإيمان، لرفع توهم أن مجرد الإيمان، بدون الأعمال اللازمة له، يوجب الثواب الموعود به في الآخرة، وهو الجنة بلا عذاب، فعطفت عليه تخصيصاً، وتنصيصاً؛ ليعلم ذلك. هذا هو قول أهل السنة، وهو الذي دلت عليه نصوص كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
بقي أن يقال: إذا كان الإيمان من عمل العباد، وأعمال العباد مخلوقة، كما تبين لنا، فهل الإيمان مخلوق؟
فالجواب: أنه لا بد من التفصيل، والبيان في ذلك؛ لأن هذا السؤال فيه إجمال وإيهام، فإن أريد بالإيمان، أعمال العباد، وتصديقاتهم، فأعمال العباد كلها مخلوقة.
وإن أريد بالإيمان، شيء من صفات الله وكلامه، وشرعه الذي هو أمره، ونهيه، ووعده، ووعيده، وقدره الذي هو علمه ومشيئته وكلامه، فهو غير مخلوق.
وأما الأفعال المأمور بها والمنهي عنها، والمقدرات من الآجال، والأرزاق، والأعمال، فهي مخلوقة محدثة.
قال شيخ الإسلام:((إذا قال: الإيمان مخلوق، أو غير مخلوق؟ قيل له: ما تريد بالإيمان؟ أتريد به شيئاً من صفات الله وكلامه، كقوله: لا إله إلا الله، وإيمانه الذي دل عليه اسمه ((المؤمن)) ؟ فهو غير مخلوق. أو تريد شيئاً من أفعال العباد، وصفاتهم؟ فالعباد كلهم مخلوقون، وجميع أفعالهم، وصفاتهم مخلوقة، ولا يكون للعبد المحدث المخلوق، صفة قديمة غير مخلوقة،