قال الخطابي:((كانوا يخالفون بين أشهر السنة بالتحليل والتحريم والتقديم والتأخير؛ لأسباب تعرض لهم.
منها: استعجال الحرب، فيستحلون الشهر الحرام، ثم يحرمون بدله شهراً غيره، فتتحول بذلك السنة وتتبدل، فإذا أتى عدة من السنين استدار الزمان، وعاد الأمر إلى أصله، فاتفق وقوع حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك)) (١) .
فعلى هذا يكون المراد بالزمان: مطلقة.
قوله:((أي شهر هذا؟)) إلى قوله: ((أليس يوم النحر؟)) لما كان متقرراً عندهم حرمة ذي الحجة وحرمة البلد الحرام، وحرمة يوم النحر، أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يؤكد تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم بالتمثيل البالغ في الحرمة منتهاها.
وفيه تعظيم شأن الدماء والأموال والأعراض وشدة حرمتها، حيث قال:((فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا)) فهذا غاية ما يمثل به شدة حرمة الشيء وتعظيمه.
وقد صح أن أول ما يبدأ به في المُقَاصَّة بين الناس يوم القيامة: الدماءُ.
قوله:((وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم)) هذا هو المقصود من الحديث؛ لأنه ظاهر في مواجهتهم لله - تعالى - ومخاطبته لهم، فيدل على أنهم يرونه، كما تقدم أن اللقاء يتضمن المعاينة والرؤية.
وهذه الجملة تأكيد لما سبق من ذكر حرمة الدماء، وما عطف عليها، إذ المعنى: إذا تأكد لديكم شدة حرمة ذلك، فاحذروا أن تقعوا فيه، فإنكم