سوف تلاقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم، وهو أعلم بها منكم.
والسؤال يتضمن الجزاء.
وقوله:((فلا ترجعون بعدي ضلالاً، يضرب بعضكم رقاب بعض)) أي: إياكم أن تعرضوا عما تركتكم عليه، وحضضتكم عليه، وهو التمسك بكتاب ربكم وسنة نبيكم، فإنه الصراط المستقيم، الذي يوصلكم إلى الجنة والسعادة في الدنيا والآخرة، فإنكم إن ملتم عن ذلكم ضللتم الطريق السوي، وارتكبتم أعظم ما حذرتكم منه، وهو الوقوع في الدماء، فيصبح بعضكم يضرب رقاب بعض، وهذا هو الضلال.
قوله:((ألا ليبلغ الشاهد الغائب)) هذا من الواجب الذي لا يجوز الإخلال به أو التساهل؛ لأن الأمة لا تصلح إلا بمعرفة ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - العمل به، كما قال الإمام مالك:((إنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما صلح به أولها)) .
ولما جهلت الأمة طريق الرسول كثر الضلال فيها، والتخبط في ظلمات الجهل والخرافة، فظهرت فيها الرافضة، والصوفية، والباطنية، والملاحدة والزنادقة، وكل منهم يدعي أن الحق معه لا يعدوه، ومن خالفه فهو ضال أو كافر حلال الدم والمال، وغالب ذلك بسبب الجهل بما جاء به الرسول – صلى الله عليه وسلم – وإن كان رؤساء هذه الطرق بالغالب ملاحدة يتسترون بالإسلام، هدفهم هدمه من أساسه، {وَيَمكُرُونَ وَيَمكُرُ اللهُ واللهُ خَيرُ المَاكِرِينَ} .
قوله:((فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى من بعض من سمعه)) .
الوعي: هو الفهم والمعرفة ثم الامتثال، والمراد تبليغ أقواله – صلى الله عليه وسلم – المتضمنة لأحكام الدين الذي جاء به.
وقوله:((فلعل)) مشعر بقلة ذلك، ولهذا جاء في رواية بدل ((فلعل)) ((رُبَّ)) المفيدة للتقليل.