للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنبر وإنه ليكاد يسقط به)) (١)

وقال أيضاً: ((حدثنا علي بن داود، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا ابن أبي حازم، قال: حدثني أبو حازم، عن عبيد الله بن مقسم، أنه سمع عبد الله بن عمر، يقول: ((رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر يقول: ((يأخذ الجبار سماواته وأرضه بيديه)) وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه، وجعل يقبضهما، ويبسطهما، قال: ((ثم يقول: أنا الرحمن، أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟)) وتمايل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن يمينه، وعن شماله، حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) (٢) .

وقد تقدم ذكر بعض الأحاديث في هذا، ففي هذه ونحوها أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يذكر صفات الله - تعالى - فى المجامع العامة، ويخطب ببيانها على المنبر، ويبالغ في إيضاحها، وتفهيم السامعين لها، حتى إنه يقبض يديه ويبسطهما عند ذكره لقبض الله - تعالى - السماوات والأرض، خلافاً لمن زعم أنه لا ينبغي ذكر صفات الله عند عامة الناس، وهو زعم باطل مخالف للحق وطريق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، حيث كان يعرف الناس بربهم، ويذكر لهم صفاته وأفعاله وأقواله في كل موطن، ويكرر ذلك في مجالسه، وخطبه، يعرف ذلك من سبر حاله، وتتبع سنته، صلوات الله وسلامه عليه.

وهذا الذي فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يدع مجالاً للشك في أن المراد من هذه النصوص هو ما دلت عليه ظاهراً، وأن تأويلها وصرفها عن ظاهرها باطل قطعاً، وتحريف للكلم عن مواضعه.


(١) ((تفسير الطبري)) (٢٤/٢٦) ، ورواه البخاري (٦/١٠٤) ، ومسلم (٤/٢١٤٧) ، رقم (٢٧٨٦) .
(٢) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>