قوله:((فيقبض قبضة)) فيه إثبات القبض لله تعالى، ومِنْ لازِمِهِ إثبات اليد التي يقبض بها، وكم في كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - من نص يثبت ذلك، ولكن أهل التأويل الفاسد المحرِّفين يأبون قبول ذلك، والإيمان به، وسوف يعلمون أن الحق ما قاله الله وقاله رسوله، وأنهم قد ضلوا السبيل في هذا الباب.
قوله:((قد امتحشوا)) يعني: احترقوا، وفي رواية مسلم:((قد عادوا حمماً)) أي: صاروا حمماً، والحمم - بضم الحاء وفتح الميم الأولى المخففة - هو الفحم.
والامتحاش: احتراق الجلد، وظهور العظم، وليس المقصود هنا أن عظامهم ظهرت، وإنما المقصود احتراقهم ظاهراً.
وبهذا استدل على أن من يدخل النار من الموحدين يموتون فيها؛ لأنهم احترقوا، وصاروا حمماً، وفي ((صحيح مسلم)) من حديث أبي سعيد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها، ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم - أو قال بخطاياهم - فأماتهم إماتة، حتى إذا كانوا فحماً، أذن في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة، أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل)) (١) .
قال ابن رجب: ((وظاهر الحديث يدل على أن هؤلاء يموتون حقيقة، وتفارق أرواحهم أجسادهم، ويدل على ذلك: ما أخرجه البزار، من حديث عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن مسلمة، أخبرني موسى بن جبير، عن أبي أمامة بن سهل، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن أدنى أهل