للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنة حظاً – أو نصيباً – قوم يخرجهم الله من النار، فيرتاح لهم الرب – تعالى – أنهم كانوا لا يشركون بالله شيئاً، فينبذون بالعراء، فينبتون كما تنبت البقلة، حتى إذا دخلت الأرواح إلى أجسادها، قالوا: ربنا كما أخرجتنا من النار، وأرجعت الأرواح إلى أجسادها، فاصرف وجوهنا عن النار، فيصرف وجوههم عن النار)) (١) .

قال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم: ((لكن ناس أصابتهم النار)) إلى آخره، معناه: أن المذنبين من المؤمنين يميتهم الله – تعالى – إماتة بعد أن يعذبوا المدة التي أرادها الله – تعالى -، وهذه الإمامة، إماتة حقيقية، يذهب معها الإحساس، ويكون عذابهم على قدر ذنوبهم، ثم يميتهم، ثم يكونون فحماً، فيُحملون ضبائر، كما تحمل الأمتعة، ويلقون على أنهار الجنة، فيصب عليهم ماء الحياة، فيحيون، وينبتون نبات الحبة في حميل السيل، في سرعة نباتها، وضعفها، فتخرج لضعفها صفراء، ملتوية، ثم تشتد قوتهم، ويصيرون إلى منازلهم، وتكمل أحوالهم، هذا هو ظاهر الحديث.

وحكى القاضي عياض فيه وجهين، أحدهما: أنها إماتة حقيقية، والثاني ليس بموت حقيقي، ولكن يغيب عنهم إحساسهم بالألم، والمختار ما قدمناه)) (٢) .

قوله: ((فينبتون في حافتيه، كما تنبت الحبة في حميل السيل)) المقصود: نبات لحومهم وأبصارهم وعظامهم التي احترقت في النار، ولا يلزم عند من يقول إنهم لا يموتون موتاً حقيقياً أنهم ماتوا في النار بحيث تفارق أرواحهم أجسامهم، والله أعلم.


(١) ((التخويف من النار)) (ص١٥٢) .
(٢) ((شرح النووي على مسلم)) (٣/٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>