للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضاً: ((وأما الفعل من المفعول، فالفعل إنما هو إحداث الشيء، والمفعول هو الحدث؛ لقوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} (١) ، فالسماوات والأرض مفعولة، وكل شيء سوى الله بصفاته - فهو مفعول - فتخليق السماوات فعله؛ لأنه لا يمكن أن تقوم سماء بنفسها من غير فعل الفاعل، وإنما تنسب السماء إليه لحال فعله، ففعله من ربوبيته، حيث يقول: ((كن فيكون)) ، و ((كن)) من صفته، وهو الموصوف به، كذلك قال: رب السماوات، ورب الأشياء، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((رب كل شيء ومليكه)) (٢) .

وهذا شرح لما ترجم به هنا، وبيان لمراده، وهو واضح.

وبه يتبين خطأ ابن بطال في قوله: ((غرضه بيان أن جميع السماوات والأرض وما بينهما مخلوق؛ لقيام دلائل الحدوث عليها)) إلى آخره، كما ذكره الحافظ عنه في ((الفتح)) (٣) ؛ لأن هذا أمر ظاهر، لا ينكره أحد.

****

٧٩ - قال: ((حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرها محمد بن جعفر، أخبرني شريك ابن عبد الله بن أبي نمر، عن كريب، عن ابن عباس، قال: بت في بيت ميمونة ليلة، والنبي -صلى الله عليه وسلم - عندها، لأنظر كيف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل، فتحدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أهله ساعة، ثم رقد، فلما كان ثلث الليل الآخر أو بعضه قعد، فنظر إلى السماء، فقرأ: {إِنَّ فِي خَلقِ السَّمَاواتِ وَالأَرضِ} إلى قوله: {لأُوْلىِ الأَلبَابِ} ثم قام فتوضأ، واستن،


(١) الآية الأولى من سورة الأنعام.
(٢) ((خلق أفعال العباد)) (ص١١٣) ، تحقيق الدكتور عميرة.
(٣) انظر: ((الفتح)) (١٣/٤٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>