للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله)) (١) .

فيقال له: ماذا تقصد بالمكان؟ إن كنت تريد مكاناً يحويه ويحيط به، فالله - تعالى - منزه عن ذلك.

وإن كنت تريد أنه ليس فوق عرشه، عال على خلقه، كما هو مذهب أهل الباطل من أشعرية، ومعتزلة، وغيرهم، فقد أثبت الله - تعالى - ذلك لنفسه وأثبتته له رسله، واتفقت عليه كتبه، وأجمعت عليه أتباع الرسل، وفطر الله - تعالى - عليه خلقه، فإنكار ذلك عناد، ومكابرة للعقول السليمة من الانحراف، ومخالفة للشرع، وقد تقدم من الأدلة على ذلك ما يكفي بعضه لمن يريد الحق.

ومما لم يتقدم في الرواية السابقة قوله: ((فأخرج)) فأخرجهم من النار)) يعني: يخرج من المكان الذي استأذن في الدخول فيه.

وفيه ألفاظ أُخر تختلف عما سبق، ولكن المعنى متقارب.

والمقصود منه هنا قوله: ((فأستأذن على ربي في داره، فإذا رأيته وقعت ساجداً)) كرر ذلك ثلاث مرات، وهو صريح في أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرى ربه عياناً في ذلك المكان، فيسجد له، وإذا رآه جاز أن يراه غيره.

وأما تلاوة الآية إلى آخر قول أنس، فهو تفسير للمقام المحمود، وسيأتي.

وفي هذا الحديث إشكال ظاهر، حتى قال الداودي: ((أول هذا الحديث ليس متصلاً بآخره، بل بقي بين طلبهم الشفاعة، وبين قوله: ((فأستشفع)) ، أمور كثيرة من أمور القيامة)) (٢) ، وقال: ((وكأن راوي الحديث ركّب شيئاً على غير أصله، وذلك أن أول الحديث في ذكر الشفاعة، في الإراحة من كرب الموقف، وآخره في الشفاعة لإخراج بعض العصاة من النار، وهذا إنما يكون


(١) ((الفتح)) (١٣/٤٢٩) .
(٢) ذكره الحافظ في ((الفتح)) (١٣/٤٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>