فإن قيل: لا نسلم أنه قابل للفوقية، حتى يلزم من نفيها ثبوت ضدها.
قيل: لو لم يكن قابلاً للعلو، والفوقية، لم يكن له حقيقة قائمة بنفسها، فمتى أقررتم أنه موجود قائم بنفسه، ليس وجوده ذهنياً، بل وجوده خارج الأذهان قطعاً، يتعين أن يكون متميزاً عن خلقه، عالياً عليهم.
وقد علم العقلاء كلهم بالضرورة، أن ما كان وجوده خارج الأذهان، فهو إما أن يكون داخلاً في الخلق، أو بائنا منهم خارجاً عنهم.
وإنكار ذلك إنكار لما هو أجلى وأظهر من الأمور البديهيات الضرورية، بلا ريب، فلا يستدل بدليل على وجوده، إلا كان العلم بالمباينة أظهر منه، وأوضح وأبين.
وإذا كانت صفة العلو والفوقية صفة كمال، لا نقص، ولا تستلزم نقصاً، ولا محذور فيها، ولا تخالف كتاباً، ولا سنة، ولا إجماعاً، فنفي حقيقتها يكون عين الباطل والمحال، الذي لا تأتي به شريعة أصلاً، فكيف إذا كان لا يمكن الإقرار بوجوده -تعالى-، وتصديق رسله، والإيمان بكتابه، وما جاء به رسوله، إلا بذلك؟
فكيف إذا انضم إلى ذلك شهادة العقول السليمة، والفطر المستقيمة، والنصوص الواردة، المتنوعة في الدلالة، على علو الله -تعالى- على خلقه، وكونه فوق عباده، التي تقرب من عشرين نوعاً: