للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه لا يعذب إلا من قامت عليه الحجة، وكذب رسله، قال تعالى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ {٨} قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ} (١) ، ولا يظلم الله أحداً من خلقه)) (٢) .

٧٧ - قال: ((حدثنا حفص بن عمر، حدثنا هشام، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ليصيبن أقواماً سفع من النار بذنوب أصابوها عقوبة، ثم يدخلهم الله الجنة بفضل رحمته، يقال لهم: الجهنميون)) .

((سفع)) بفتح السين، وسكون الفاء، هو أثر تغير البشرة من حر النار أي: يصيبهم من لهبها ما يغير ألوانهم، وتقدم أنهم يحترقون حتى يكونوا فحماً.

قوله: ((بذنوب أصابوها)) أي: أن إصابتهم بسفع النار جزاء على ما اقترفه من الذنوب عقوبة لهم.

((ثم يدخلهم الجنة بفضل رحمته)) أي: يرحمهم الله تفضلاً منه وجوداً عليهم من غير استحقاق للجنة، وهذا محل الشاهد من الحديث، ووجهه أن هؤلاء لما كان معهم شيء من الإيمان صارت رحمة الله قريبة إليهم بالنسبة لمن هو في النار، وبقدر ما معهم من إيمان وإحسان.

والجهنميون نسبة إلى جهنم؛ لأن أثر إحراقهم ظاهر عليهم.

قولُهُ: ((وقال هَمّامٌ: حدثنا قتادة، حدثنا أنس)) إلى آخره.

يريد بيان أن عنعنة قتادة محمولة على السماع؛ لأنه صرح بالتحديث من هذه الطريق. والله أعلم.


(١) الآيتان ٨، ٩ من سورة تبارك.
(٢) ((حادي الأرواح)) (ص٢٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>