للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ((باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل يقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا فعلت كما يفعل.

فبين أن قيامه بالكتاب هو فعله)) .

هذه الترجمة كالتي قبلها، وكذا الأبواب الآتية كلها في بيان أن أعمال العباد منوطة بهم يفعلونها باختيارهم، وأنها مخلوقة مثلهم.

وذلك مثل أصواتهم وتحريك ألسنتهم وشفاههم، وحفظهم ودعائهم، وتبليغهم، وصلاتهم، وكون الإنسان خلق هلوعا جزوعا منوعا، فهذه أوصاف الإنسان، والله خلقه كذلك.

وكذا روايتهم، وبيانهم عن معاني كلام الله، وأصواتهم حسنها وقبيحها، ومهارتهم بالقرآن وغيره، وكتابتهم، وأدواتهم التي يكتبون بها، وغير ذلك كلها عمل لهم، وهم وأعمالهم مخلوقون.

فقوله: ((آتاه الله القرآن)) يعني: يسر له حفظه، وأقدره عليه، فحفظه وعمل به.

((فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار)) أي: يتلوه ويتهجد به في الصلاة وخارجها أوقات الليل والنهار، وهذا من أفضل الأعمال التي يؤجر عليها العبد.

فدل ذلك على أن تلاوته القرآن من عمله وعمله مخلوق، فلزم أن تكون غير المتلو.

فالتلاوة عمل العبد، وفعله، والمتلو قول الرب تعالى وصفته، كما تقدم.

((ورجل يقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا فعلت كما يفعل)) . هذا يبين أن التلاوة، والقيام بالقرآن فعل التالي، وعمله، كما هو واضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>