((قال موسى: ذلك ما كنا نبغي)) أي: هو الذي نريد، حيث جعل فقد الحوت علامة لنا على وجود الخضر.
((فارتدا على آثارهما قصصاً)) أي: رجعا يتبعان آثارهما ويقصانها، فلما وصلا الموضع الذي فقدا فيه الحوت وجدا خضراً، وكان من شأنهما ما قص الله)) .
يعني: من خرق السفينة، وإقامة الجدار بدون أجر، وقتل الغلام.
وقد اختصر البخاري الحديث، ولم يذكر محل الشاهد منه، وهو قوله:((ستجدني إن شاء الله صابراً)) فوعد بأنه يصبر على ما يراه منه، وأن يطيع أمره، وعلق ذلك بمشيئة الله - تعالى - وهو عازم على ذلك، ولكن الله - تعالى - لم يشأ لموسى الصبر على ما يراه من الخضر، فلم يصبر.
فمهما كان عند المخلوق من القوة والعزم، فإنه لا يستطيع فعل شيء إلا أن يشاء الله - تعالى -.
*****
١٠٥ - قال:((حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب عن الزهري.
وقال أحمد بن صالح: حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ننزل غداً إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر - يريد المحصب -)) .
ذكر هذا الحديث في كتاب الحج بلفظ يوضح ما هنا، حيث قال: ((قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من الغد يوم النحر - وهو بمنى -: نحن نازلون غداً بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر - يعني بذلك المحصب - وذلك أن قريشاً وكنانة تحالفت على بني هاشم وبني عبد المطلب، أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فهذا هو تقاسمهم على الكفر، وفي هذا أن هذا القول وهو بمنى في اليوم