للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلهذا أبهمت ألفاظها، واستعمل منها معنى التعظيم، فقال: " قولوا: التحيات لله" أي: أنواع التعظيم له" ا. هـ. (١)

وقوله: " لله" يفيد وجوب الإخلاص في العبادة، أي أن ذلك لا يجوز أن يكون لغير الله منه شيء.

"والصلوات" أي جميع العبادات له استحقاقاً بمقتضى العقل، وبالشرع، وذلك مثل الركوع، والسجود، والقيام، والدعاء، وأنواع العبادة له وحده لا شريك له في ذلك.

"والطيبات" أي الأعمال الطيبات له - تعالى- يتوسل بها إليه، وهو -تعالى- لا يقبل إلا طيباً، "وما طاب من الكلام وحسن أن يثنى به على الله، دون ما لا يليق بصفاته" (٢) ، والوصف بالطيب يفيد خلوصها من الشرك، وشوائبه، وسلامتها من البدع.

"السلام" اسم الله -تعالى- الدال على سلامته من كل نقص وعيب، فيدعى الله -تعالى- به؛ ليسلم من ذكر عليه هذا الاسم الشريف، من المكاره والمخاوف.

"عليك أيها النبي" أمرهم أن يفردوه بالسلام، ويقدموه على أنفسهم، لوجوب حقه عليهم، ووجوب محبته التي يجب أن تكون مقدمة على النفس، وما دونها.

والأحاديث متقفة على لفظ الخطاب، وذكر حرف النداء "عليك أيها النبي" وقد عدل بعض الصحابة بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- إلى لفظ خطاب الغائب فقالوا: "السلام على النبي" كما ذكره البخاري في الاستئذان (٣) ، وابو عوانة في


(١) "فتح الباري" (٢/٣١٣) ولفظ الخطابي لما ذكر ألفاظ تحياتهم لمعظميهم قال: " وهذه الألفاظ ونحوها مما يتحيا به الناس فيما بينهم لا يصلح شيء منها للثناء على الله- عز وجل-، فتركت أعيان تلك الألفاظ، واستعمل منها معنى التعظيم، فقيل: قولوا: التحيات لله، أي الثناء على الله والتحميد وأنواع التعظيم له كما يستحقه ويجب له". "أعلام الحديث" (٢/٥٤٥) .
(٢) المصدر نفسه.
(٣) انظر: "الفتح" (١١/٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>