ما كنت أظن أن الله ينزل في براءتي وحيا يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم رؤيا يبرئني الله بها، فأنزل الله - تعالى - {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُو بِالإِفكِ} العشر الآيات)) .
((الإفك)) : أبلغ ما يكون من الكذب، والافتراء، وقيل: هو البهتان، لا تشعر به حتى يفجأك، وأصله: الإفك، وهو القلب؛ لأنه قول مأفوك عن وجهه.
فبرَّأها الله مما قالوا، أي: بيَّن براءتها من ذلك الإفك، الذي قاله المنافقون وروجوه في مجتمع المدينة، فآذوا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته وأصحابه.
ولا يزال إلى اليوم فريق ممن يتستر بالإسلام - وهو يحاربه - ينمّي ذلك الإفك، ويشيعه، ويلفق الكذب والزور، ويحاول أن يلبِّس على السذج والمغفلين.
ولا شك أن من يفعل ذلك أنه معاند لله ورسوله، وسالك غير سبيل المؤمنين، ومؤذن لله ورسوله والمؤمنين بالحرب، وليس هو من الإسلام في شيء، بل هذا من أعظم الكفر والتكذيب لله ولرسوله.
قال الزمخشري:((نزلت فيه ثماني عشرة آية، كل واحد منها مستقلة بما هو تعظيم لشأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتسلية له، وتنزيه لأم المؤمنين رضوان الله عليها، وتطهير لأهل البيت، وتهويل لمن تكلم في ذلك أو سمع به فلم تمجه أذناه، وعدة ألطاف للسامعين والتالين إلى يوم القيامة، وفوائد دينية، وأحكام وآداب لا تخفى على متأمليها)) (١) .