للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجميع ما يجب الإيمان به" (١) .

وحق العباد على الله تعالى هو من فضله وكرمه، وليس استحقاق عوض وجزاء، كما تقول المعتزلة.

والناس في هذه المسألة ثلاث فرق:

منهم " من يقول: للمخلوق على الله حق يعلم بالعقل.

فهم يقيسون الخالق تعالى على المخلوق - كما تقدمت الإشارة إليه -.

ومنهم من يقول: لا حق للمخلوق على الله تعالى بحال، ولكن يعلم ما يفعله بعبده بحكم وعده وخبره. وهذا قول أتباع جهم، وبعض من ينتسب إلى السنة.

ومنهم من يقول: بل أوجب الله تعالى على نفسه حقاً لعباده المؤمنين، كما حرم الظلم على نفسه، ولم يوجب ذلك عليه مخلوق.

ولا يقاس بمخلوقاته تعالى، بل هو برحمته، وحكمته، وعدله، كتب على نفسه الرحمة، وحرم على نفسه الظلم، كما في الحديث الذي في "صحيح مسلم" وغيره (٢) "يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا".

وقال تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} (٣) ، وقال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (٤) .

فمن قال: ليس للمخلوق على ربه حق، فهو صحيح، إذا أراد أنه ليس


(١) "فتح الباري" (١/٢٢٨) .
(٢) انظر: " صحيح مسلم" (٤/١٩٩٤) الحديث رقم (٢٥٧٧) .
(٣) الآية ٥٤ من سورة الأنعام.
(٤) الآية ٤٧ من سورة الروم.

<<  <  ج: ص:  >  >>