للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ((باب قول الله - تعالى -: {وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (١) ولم يقل: ماذا خلق ربكم)) .

أخبر تعالى أنه المالك لكل شيء، وأنه لا يقع لأي فرد من خلقه ضر أو نفع إلا بإرادته وتدبيره، فهو المالك للشفاعة وغيرها، فلا تقع الشفاعة لديه إلا بإذنه، ولا تنفع إلا لمن رضي عمله وقوله، فهو - تعالى - لا يأذن في الشفاعة إلا فيمن رضي عمله، وهو لا يرضى إلا بعبادته الخالصة.

قال النووي: ((أهل السُّنَّة متفقون على وقوع الشفاعة، ودل عليه العقل والسمع، فقد ثبت ذلك في كتاب الله وسنة رسوله، كما في هذه وغيرها، والأحاديث فيها بلغت حد التواتر، وأجمعوا على وقوعها للمذنبين من أهل التوحيد، وإنما خالف

فيها أهل البدع، الذين سلكوا غير سبيل المؤمنين)) (٢) .

قال في ((اللسان)) : ((فزع عنه)) أي: كشف عنه الخوف (٣) .

وقال الأزهري: ((اتفق أهل التفسير، وأهل اللغة، أن معنى قوله: {فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ} : كشف الفزع عن قلوبهم، وتأويل الآية: أن ملائكة سماء الدنيا كان عهدهم قد طال بنزول الوحي من السماوات، فلما نزل جبريل بالوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم - أول ما بعث نبياً، ظنت الملائكة الذين في السماء الدنيا أن جبريل نزل لقيام الساعة، ففزعوا له، فلما تقرر عندهم أنه نزل لغير ذلك، كشف الفزع عن قلوبهم، فأقبلوا على جبريل ومن معه من


(١) الآية ٢٣ من سورة سبأ.
(٢) انظر ((شرح مسلم)) للنووي (٣/٣٥) .
(٣) (٨/٢٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>