للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٦ – ((حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن أبي العباس، عن عبد الله بن عمر قال: حاصر النبي – صلى الله عليه وسلم – أهل الطائف فلم يفتحها، فقال: ((إنا قافلون غداً إن شاء الله)) ، فقال المسلمون: نقفل ولم نفتح؟ قال: ((فاغدوا على القتال)) ، فغدوا، فأصابتهم جراحات، قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((إنا قافلون غدا إن شاء الله)) فكأن ذلك أعجبهم، فتبسم رسول الله – صلى الله عليه وسلم -)) .

الحصار: هو المنع أن يخرج أحد منهم، أو يدخل إليهم شيء، والتضييق عليهم. وكان ذلك بعد فراغه - صلى الله عليه وسلم - من غزوة حنين، وتحصن الكفار بالطائف، فرأى - صلى الله عليه وسلم - أنهم يحتاجون إلى مطاولة، وهم أهل رماية، فقد ينالون من المسلمين ما لا يناله المسلمون منهم، ورجاء أن تفتح عليه بأقل من ذلك العناء، وأشفق على أصحابه، فقال: ((إنا قافلون غداً إن شاء الله)) وهذا عرض عليهم من باب المشاورة وإشراكهم في الرأي، كما هي عادته - صلى الله عليه وسلم -. ولهذا لم يلزمهم، ولما قالوا: نقفل ولم نفتح؟ قال: ((اغدوا على القتال)) ثم أعاد هذا القول من الغد بعد ما أمضوا يومهم ذلك في القتال، ولم يتحصلوا على طائل، وقد أصابتهم جراحات، ففرحوا بما قال رسولهم – صلى الله عليه وسلم – وعلموا أن الخير والبركة في رأيه، عند ذلك تبسم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لما رأى فرحهم، وقد كانوا بالأمس قد كرهوا ذلك، تعجباً من سرعة تغير رأيهم، ولإجماعهم على تصويب ما رآه - صلى الله عليه وسلم - أولاً.

والمقصود منه قوله: ((إن شاء الله)) فقد أخبر أولاً بأنهم قافلون، معلقاً ذلك بمشيئة الله، فلم يحصل؛ لأن الله لم يشأ ذلك.

وفي المرة الثانية شاءه، فحصل بإيجاد الله له الأسباب التي جعلتهم يفرحون بذلك، وهكذا كل ما لا يريد الله – تعالى – حصوله، لا بد أن يوجد له من الأسباب ما يمنع وجوده، وبالعكس.

*****

<<  <  ج: ص:  >  >>