هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((اختصمت الجنة والنار إلى ربهما، فقالت الجنة: يا رب، ما لها لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطهم؟ وقالت النار: يعني: أوثرت بالمتكبرين؟
فقال الله - تعالى - للجنة: أنت رحمتي، وقال للنار: أنت عذابي أصيب بك من أشاء، ولكل واحدة منكما ملؤها.
قال: فأما الجنة فإن الله لا يظلم من خلقه أحداً، وإنه ينشئ للنار من يشاء فيلقون فيها، فتقول: هل من مزيد - ثلاثاً - حتى يضع فيه قدمه، فتمتلئ، ويرد بعضها إلى بعض، وتقول: قط قط قط)) .
الاختصام: هو التنازع بين فريقين، يذكر كل واحد منهما حجته أمام من يحكم بينهما.
وتقدم هذا الحديث في ((التفسير)) بلفظ تحاجت الجنة والنار.
وفي ((صحيح مسلم)) : ((احتجت)) ، والمعنى واحد.
قال المهلب:((يجوز أن يكون هذا الخصام حقيقة، بأن يخلق الله فيهما فهماً، وكلاماً، والله قادر على كل شيء، ويجوز أن يكون هذا مجازاً، كقولهم: ((امتلأ الحوض، وقال قَطْنِِي)) ، والحوض لا يَتكلم، وإنما ذلك عبارة عن امتلائه)) (١) .
قلت: الأول هو المعتمد، وتقدم الكلام فيه والاستدلال له في شرح حديث أنس:((لا يزال يلقى في النار، وتقول: هل من مزيد)) .