((الإفك)) هو: الكذب الظاهر البين، وهو من عظائم الذنوب.
((طائفة من الحديث) أي: قطعة منه، وهو جمع حديثهم، ولم يكونوا متفقين على جميعه، والقائل هو ابن شهاب الزهري.
((وأنا حينئذ أعلم أني بريئة)) يعني: أن ما قاله أهل الإفك، بعيد عنها، وليست من أهله، فهي أعلم بنفسها، وعلى يقين من أن الله سيظهر براءتها لنبيه وعباده ويجزي الأفاكين، الذين آذوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهله والمؤمنين.
قال أبو بكر ابن العربي:((كل من سب عائشة - رضي الله عنها - بما برأها الله منه فهو مكذب لله، ومن كذب الله، فهو كافر، وهذا قول مالك، وهو أمر واضح لأهل البصائر)) (١) .
وقال القاضي أبو يعلى:((من قذف عائشة بما برأها الله منه كفر، بلا خلاف)) .
وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد، وصرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم.
فروي عن مالك: من سب أبا بكر جلد، ومن سب عائشة قتل، قيل له: لم؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن؛ لأن الله - تعالى - قال:{يَعِظِكُم اللهُ أَن تَعُودُواْ لِمثلِهِ أَبَدَاً إِن كُنتُم مُؤمِنينَ} .
وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري: سمعت القاسم بن محمد يقول لإسماعيل ابن إسحاق: أتي أمير المؤمنين بالرقة برجلين شتم أحدهما فاطمة، والآخر عائشة، فأمر بقتل الذي شتم عائشة، وترك الآخر، فقال إسماعيل، ما حكمهما إلا أن يقتلا؛ لأن الذي شتم عائشة رد القرآن، وعلى هذا مضت سيرة أهل الفقه والعلم، من أهل البيت وغيرهم.