للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو السائب القاضي: كنت يوما بحضرة الحسن بن زيد الداعي، وكان بحضرته رجل، فذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة، فقال: يا غلام، اضرب عنقه، فقال له العلويون: هذا رجل من شيعتنا، فقال: معاذ الله، هذا رجل طعن على النبي – صلى الله عليه وسلم -، قال الله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} ، فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي – صلى الله عليه وسلم – خبيث، فهو كافر فاضربوا عنقه، فضربوا عنقه وأنا حاضر. رواه اللالكائي.

وروى عن محمد بن زيد، أخي الحسن بن زيد، أنه قدم عليه رجل من العراق، فذكر عائشة بسوء، فقام إليه بعمود فضرب به دماغه فقتله، فقيل له: هذا من شيعتنا، ومن بني الآباء، فقال: هذا سَمّى جدي – يعني: رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قرنان (١) . ومن سمى جدي: قرنان، استحق القتل، فقتله.

وأما سب غير عائشة من أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – ففيه قولان: أحدهما: أنه كَسَابّ غيرهن من الصحابة.

والثاني: وهو الأصح أنه من قذف واحدة من أمهات المؤمنين، فهو كقذف عائشة – رضي الله عنها -.

وذلك لأن هذا فيه غضاضة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأذي له أعظم من أذاه بنكاحهن بعده، وهذا ظاهر (٢) .

((وأن الله يبرئني)) أي: أنها على علم ويقين بأن الله – تعالى – سيظهر براءتها لنبيه، بأمر يطلعه عليه، إما رؤيا يريها إياه، أو غير ذلك، غير أنها ما كانت تنتظر أن ينزل في شأنها وحيا من كلامه تعالى يتلى إلى يوم القيامة، كما وقع؛


(١) قال الليث: القرنان: نعت سوء في الرجل، الذي لا غيرة له، قال الأزهري: ((هذا من كلام حاضرة العراق، ولم أر البوادي لفظوا به، ولا عرفوه)) ((تهذيب اللغة)) (٩/٩٣) .
(٢) من ((الصارم المسلول)) (٥٦٥-٥٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>