للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: إلا أنه لا يختص ذلك بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . يعني أن أوصاف الرحمن-تعالى- موجودة في آيات كثيرة من القرآن.

وهذه السورة وسائر سور القرآن هي صفة الرحمن؛ لأنها كلامه، وكلامه من صفاته، ولكن تميزت هذه السورة بأنها خالصة لذكر أوصاف الرحمن-تعالى- وهذ هو المتبادر إلى الفهم من مراد الصحابي-رضي الله عنه- أي أنها خالصة لوصف الرحمن-تعالى- دون غيره.

"قال ابن التين: إنما قال: لأنها صفة الرحمن؛ لأن فيها أسماؤه مشتقة من صفاته. وقال غيره: يحتمل أن الصحابي قال ذلك مستنداً إلى شيء سمعه من النبي-صلى الله عليه وسلم - إما بالنص، أو بالاستنباط. وروى البيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس-رضي الله عنهما- أن اليهود أتوا النبي-صلى الله عليه وسلم - فقالوا: صف لنا ربك؟

فأنزل الله-عز وجل- {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إلى آخرها، فقال: "هذه صفة ربي-عز وجل-" (١)

وفي الحديث حجة لمن أثبت أن لله صفات، وهو قول الجمهور، وشذ ابن حزم فقال: " هذه لفظة اصطلح عليها أهل الكلام، من المعتزلة، ومن تبعهم، ولم يثبت عن النبي-صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من أصحابه، فإن اعترضوا بحديث الباب، فهو من أفراد سعيد بن أبي هلال، وفيه ضعف، وعلى تقدير صحته فـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} صفة الرحمن، كما في هذا الحديث، ولا يزاد عليه، بخلاف الصفة التي يطلقونها، فإنها في لغة العرب لا تطلق إلا على جوهر، أو عرض" (٢) .

وسعيد متفق على الاحتجاج به، فلا يلتفت إلى تضعيفه،


(١) انظر" الأسماء والصفات" للبيهقي (ص٢٧٩) ، وفيه تسمية بعضهم، وقد ذكر عدة أحاديث بمعناه.
(٢) انظر: "الفصل" (٢/٢٨٤) ، وقد أطال الكلام على هذا المعنى، واحتج بأشياء لا تدل على مراده.

<<  <  ج: ص:  >  >>