وأوقف قريباً منها، وجعل وجهه إليها، لا يستطيع أن يصرف وجهه عنها، وذلك من بقية عذابه، ولهذا يدعو ربه بأن يصرف وجهه عن النار، ويكون ذلك هو أعظم ما يتمناه ويريده، بل هو مراده.
قوله:((هو آخر أهل النار دخولاً الجنة)) أهل الفساد قسمان: قسم خلق للنار، وهم المشركون والكفار باختلاف أنواعهم، فهؤلاء لا يخرجون من النار أبداً.
وقسم يكون من أهل النار مؤقتاً، وهؤلاء هم عصاة المؤمنين من الذين لا يعبدون إلا الله وحده، إلا أنهم ارتكبوا ذنوبا عظاماً استوجبوا بها النار، وهم خلائق لا يحصيهم إلا الله - تعالى -، ويتفاوتون في لبثهم في النار تفاوتاً عظيماً، ولكن لا يبقى في النار منهم أحد وإن طال لبثه، وهذا الرجل المذكور في الحديث هو آخر من يخر ج من النار من الموحدين الذين أدخلوا النار، وهو أدنى أهل الجنة منزلة، كما سيأتي التصريح بذلك في هذا الحديث.
قوله:((قشبني ريحها)) قال النووي: معنى قشبني: سمني، وآذاني، وأهلكني، قاله جماهير أهل اللغة.
وقال الخطابي: قشبه الدخان: ملأ خياشيمه وأخذ بكظمه، وأصل القشب: خلط السم بالطعام، يقال: قشبه، إذا سمّه (١) .
والمعنى: أن ريح النار الكريه عذّبه، وبلغ منه مبلغ الهلاك.
قوله:((وأحرقني ذكاؤها)) ذكاؤها: حرها ووهجها.
((ثم يقول الله: هل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسألني غيره؟ فيقول: لا وعزتك، لا أسألك غيره، ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء)) .