للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض، فاتجهوا إلى عبادة الله وحده، بعدما كانوا يعبدون كل شيء، وكانت تستعبدهم شياطين الجن والإنس.

ولكن كثيراً من الناس لا يعجبهم ذلك، بل يسوؤهم ويحزنهم.

ومن حكمة الله -تعالى - أن جعل للباطل جنوداً يناصرونه، ويدافعون الحق ويردونه، كما جعل للحق أنصاراً يتفانون في الذياد عنه، والدعوة إليه.

وقد كان ذلك منذ باء إبليس اللعين بالطرد عن رحمة الله، والبعد عن كل خير، فأقسم بعزة الله ليغوين بنى آدم أجمعين، إلا عباد الله المخلصين، كما قال الله تعالى عنه: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ {٨٢} إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (١) .

ومن المعلوم أن الله - تعالى - لم يقبض نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم- حتى أكمل له دينه، وأظهره على من عاداه بالحجج والبراهين، وبقوة القتال لمن وقف في وجهه وعاند الحق، كما قال - تعالى - في آخر ما أنزله الله عليه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي

وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (٢) ، فإذا كان الله قد أكمل لهم دينهم، فلا بد من أنه وضحه لهم بحيث لا يبقى فيه أي التباس أو اشتباه، ولا بد من أنهم فهموه واعتقدوه على ما أريد منهم وعملوا به، ولا بد من الاستغناء به عن كل ما سواه، فلا يحتاجون معه إلى غيره، وأعظم ما يحتاجونه وأشرفه هو معرفتهم ربهم بأسمائه وصفاته، وما يجب له ويستحقه، ويحمد ويمجد به، ويثنى به عليه؛ لأن هذا من أفضل العبادة التي أوجبها الله عليهم، كما قال تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (٣) .


(١) الآيتان ٨٢، ٨٣ من سورة ص.
(٢) الآية ٣ من سورة المائدة.
(٣) الآية ١٨٠ من سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>