وقوله:((هونا قراءته عليك)) لا يريد اختصاص النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فإن ظاهر الآية يدل على العموم، ولهذا قال:{فَهَل مِن مُّدَّكِرٍ} وإنما يريد تهوين قراءته على كل من أقبل عليه صادقاً، ويدخل في ذلك فهم معانيه، فإن الله - تعالى - قد يسرها لمن تدبره.
وقول مطر الوراق، سبق أن ابن جرير رواه بسنده، وقال: إنه قريب المعنى مما قلناه، يعني: فصلناه، وبيناه، لمن أراد الفهم والتذكر، والاتعاظ، وذلك لما في لفظ التيسير مما يدل على التسهيل، والإعانة، وما يدل عليه الاستفهام من إرادة ذلك، والله أعلم. ومقصود البخاري: أن حفظ كتاب الله وفهمه، والتذكر به والاتعاظ، وكذلك تلاوته وقراءته، كل ذلك عمل العبد الذي يطلب من ربه أن يعينه عليه، ويسهله له، وقد وعد بذلك جل وعلا.
أما المفهوم المحفوظ المتلو فهو غير فعل العبد المخلوق، بل هو كلام الله وصفته.
١٧٥- قال:((حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، قال: حدثنا يزيد، حدثني مطرف بن عبد الله، عن عمران، قال: قلت: يا رسول الله، فيما يعمل العاملون؟ قال: كل ميسر لما خلق له)) .
هذا السؤال تكرر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عدد من أصحابه، فبين لهم أن الله - تعالى - قد علم أهل الجنة وأهل النار قبل وجودهم، وأنه تعالى قد كتب ذلك في الأزل، ونهاهم - صلى الله عليه وسلم - أن يتكلوا على ذلك الكتاب، ويدعوا العمل.
وكأنه عرض لهم أنه إذا كان أهل الجنة قد عملوا، وكتبوا، وكذلك أهل