للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال البخاري: قال سفيان في ((تفسيره)) : ((إن كل شيء مخلوق، والقرآن ليس بمخلوق، وكلامه أعظم من خلقه؛ لأنه إنما يقول للشيء: كن فيكون، فلا يكون شيء أعظم مما يكون به الخلق، والقرآن كلام الله)) (١) .

******

قال: ((باب في المشيئة والإرادة)) .

أي: مشيئة الله وإرادته، وهذا مما يتعلق بربوبيته - تعالى -، وهو رب كل شيء وخالقه ومالكه، يدخل في ذلك جميع الأعيان القائمة بأنفسها، وصفاتها القائمة بها، مثل أفعال العباد، فإنه - تعالى - خالق العبد وفعله، كما سيأتي - إن شاء الله تعالى - بيان ذلك.

وهو سبحانه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون في الوجود شيء إلا بمشيئته وقدرته، ولا يمتنع عليه شيء يريده، بل هو القادر على كل شيء.

كما أنه سبحانه يعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، وقد ذكر الله - تعالى - مشيئته عامة في القرآن، في ما يقرب من أربع مِائةِ موضع.

كقوله تعالى - {وَلَوْ شَاء اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (٢) ، وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاء اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} (٣) ، وقوله: {قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (٤)

وقوله: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} (٥) .

وقوله: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء


(١) ((خلق أفعال العباد)) (٣٤) تحقيق عميرة.
(٢) الآية ٣٥ من سورة الأنعام.
(٣) الآية ٤٨ من سورة المائدة.
(٤) الآية ١٤٩ من سورة الأنعام.
(٥) الآية ٩٩ من سورة يونس.

<<  <  ج: ص:  >  >>