للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُذِلُّ مَن تَشَاء} (١) ، وقوله: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (٢) ، وقوله: {مَن يَشَإِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (٣) ، وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} (٤) ، وقوله تعالى: {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} (٥) ففي هذه الآيات ونحوها الرد على طائفتي الضلال، نفاة المشيئة بالكلية، ونفاة مشيئة الله لأفعال العباد وحركاتهم، وهداهم، وضلالهم، وهذا هو مراد البخاري من هذا الباب، وسيذكر تفصيلاً لهذا الباب في الأبواب الآتية.

والله – سبحانه وتعالى – علق وجود كل شيء وعدمه بمشيئته، فمرة يخبر أن كل ما في الكون بمشيئته، وأخرى يخبر أن ما لم يشأ لم يكن، ومرة يخبر أنه لو شاء لكان خلاف الواقع، وأنه لو شاء لكان خلاف القدر الذي قدره وكتبه، وأنه لو شاء ما عصي، ولو شاء لجمع خلقه على الهدى وجعلهم أمة واحدة.

فكل ما وجد من عين أو حركة، أو موت أو حياة، أو مصيبة، أو عز أو ذل، أو غير ذلك، فهو بمشيئته، وكل ما لم يوجد، ولم يقع، فهو لعدم مشيئته لوجوده، وهذا معنى كونه على كل شيء قدير، وهو حقيقة ربوبيته لكل شيء، ومعنى كونه القيوم بتدبير عباده، فلا خلق، ولا رزق، ولا عطاء، ولا منع، ولا قبض، ولا بسط، ولا ضلال، ولا هدى، ولا سعادة، ولا شقاء، إلا بمشيئته وتكوينه، إذ لا مالك غيره ولا رب سواه (٦) .


(١) الآية ٢٦ من سورة آل عمران.
(٢) الآية الأخيرة من سورة التكوير.
(٣) الآية ٣٩ من سورة الأنعام.
(٤) الآية ١٣ من سورة السجدة.
(٥) لآية ١٣٣ من سورة النساء.
(٦) انظر ((شفاء العليل)) (ص٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>