للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السائل - وربما قال: جاءه السائل أو صاحب الحاجة - قال: ((اشفعوا فلتؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء)) .

الرسول - صلى الله عليه وسلم - معلم الخير والداعي إليه، فلم يترك طريقاً يوصل الخلق إلى اكتساب الخير إلا دلهم عليه، وحضهم على سلوكه، حتى الأمور التي قد يظن بعض الناس أنها أمور عادية لا تدخل في العبادة، مثل ما في هذا الحديث، وخصوصا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يتصور مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يمنع أحداً ما يستحقه، أو يبخسه شيئاً من ذلك، ومع ذلك أمر بالشفاعة عنده، وأخبر أن شفاعتهم لا تأثير لها في مشيئة الله - تعالى -، بل المقصود حصول الثواب للشافع.

وأما ما يقع للمشفوع له فهو ما يقضيه الله - تعالى - ويشاؤه، ولهذا قال: ((اشفعوا فلتؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما يشاء)) .

والشاهد فيه: أن مشيئة الله - تعالى - لا تؤثر فيها شفاعة ولا غيرها، بل ما شاء فِعْلَهُ فَعَلَهُ، وما شاء تَرْكَهُ تَرَكَهُ، لا راد لما أراد، ولا يمنع ذلك فعل الأسباب، ولا كون المسببات مرتبة على أسبابها، فكلها بمشيئة الله.

******

١٠٣ - قال: ((حدثنا يحيى، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، سمع أبا هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، ارحمني إن شئت، ارزقني إن شئت، وليعزم مسألته، إنه يفعل ما يشاء، لا مكره له)) .

تقدم هذا الحديث من رواية أنس، وبينا الحكمة في النهي عن ذلك.

قال النووي: ((قال العلماء: عزم المسالة: الشدة في طلبها، والجزم من غير ضعف في الطلب، ولا تعليق على المشيئة ونحوها.

وقيل: هو حسن الظن بالله - تعالى - في الإجابة. ومعنى الحديث: استحباب

<<  <  ج: ص:  >  >>