للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يلحقه في أفعاله مشقة" (١) .

ورفع "المتين" على أنه وصف "الرزاق" أو لذو، أو خبر مبتدأ محذوف، أو خبر بعد خبر، وهذه قراءة الجمهور، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش بجر "المتين" على أنه صفة للقوة.

وهذه الآية ونظائرها تدل بوضوح على أن الله -تعالى- موصوف بالصفات العليا، كما أنه مسمى بالأسماء الحسنى، فالقوة صفته، والرزاق اسمه، وتقدم أن كل اسم لابد أن يتضمن الصفة، وبذلك وغيره يرد على المنكرين للصفات، كما سبقت الإشارة إليه، والله أعلم.

وأما معنى الحديث: فقال النووي: "قال العلماء: معناه: أن الله -تعالى- واسع الحلم حتى على الكافر الذي ينسب إليه الولد والند، قال المازري: حقيقة الصبر: منع النفس من الانتقام أو غيره، فالصبر نتيجة الامتناع، فأطلق اسم الصبر على الامتناع في حق الله -تعالى-.

قلت: هذا الكلام فيه نظر فقد جاء في أسمائه تعالى: الصبور، وفي هذا الحديث: " ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله - تعالى - ".

قال القاضي: والصبور من أسماء الله - تعالى -، وهو: الذي لا يعاجل العصاة بالانتقام، وهو بمعنى الحليم في أسمائه - سبحانه وتعالى -، والحليم: هو الصفوح مع القدرة على الانتقام" (٢) .

قلت: قول المازري: " فأطلق اسم الصبر على الامتناع في حق الله -تعالى-".

فيه نظر، وذلك أن رسوله -صلى الله عليه وسلم- أطلق على ربه الصبر، وأنه ما أحد أصبر منه، وهو -صلى الله عليه وسلم- أعلم الخلق بالله - تعالى - وأخشاهم له، وأقدرهم على البيان عن


(١) "تفسير ابن الجوزي" (٨/٤٤) .
(٢) "شرح النووي على مسلم" (١٧/١٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>