٥٢-قال:" حدثنا يحيى بن جعفر، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم - هو التيمي - عن أبيه، عن أبي ذر، قال: " دخلت المسجد، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس؛ فلما غربت الشمس قال: يا أبا ذر، هل تدري أين تذهب هذه؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها تذهب تستأذن في السجود، فيؤذن لها، وكأنها قد قيل لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها، ثم قرأ:(ذلك مستقر لها) في قراءة عبد الله".
قوله: " أتدري أين تذهب هذه؟ " هذا الأسلوب من التعليم كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعمله مع أصحابه، وهو من الأساليب التي ترسخ المعلومات في الذهن؛ لأن المسئول يبقى بعده يتطلع إلى الجواب بإقبال ولهف، فإذا ورد عليه الجواب وهو بهذه الحال، ثبت في قلبه، ورسخ لديه، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك.
قوله: " ذلك مستقر لها" هذا تفسير لقوله -تعالى-: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا}(١) ، قال ابن كثير: " فيه قولان: أحدهما: أن المراد: مستقرها المكاني، وهو تحت العرش مما يلي الأرض، من ذلك الجانب، وهي أينما كانت فهي تحت العرش، هي وجميع المخلوقات؛ لأنه سقفها، وليس بكرة، كما يزعمه كثير من أرباب الهيئة، وإنما هو قبة ذات قوائم، تحمله الملائكة، وهو فوق العالم، مما يلي رؤوس الناس، فالشمس إذا كانت في قبة الفلك، وقت الظهيرة، تكون أقرب ما تكون إلى العرش، فإذا استدارت في فلكها الرابع، إلى مقابلة هذا