ينكرون كلام الله حقيقة، وإذا وصفوا الله بالكلام فمرادهم أن الله خلق كلاماً في غيره، إما في الهوى، أو بين ورق الشجرة التي كلم منها موسى، أو في غير ذلك.
ولا يشك من عرف ما جاءت به الرسل أن هذا تبديل للحق بالباطل، وللحقيقة التي فطر الله عليها عباده، واللغة التي اتفق عليها بنو آدم، إلا من اجتالته الشياطين فغَّيرت فطرته.
فالمتكلم هو الذي يقوم به الكلام، ويتصف به ويصدر منه، كما أن المحب من يقوم به الحب، والقادر من تقوم به القدرة، والعالم من يقوم به العلم.
وعلى قول أولئك الضلاّل الذين يرد عليهم الإمام البخاري في هذا الباب وغيره، أن الذي قال لموسى عليه السلام:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}(١) أنه الشجرة، وهذا الكفر ما وراءه كفر.
ويلزم على قولهم إن كل كلام خلقه الله هو كلامه، والله خالق كل شيء، فيدخل في ذلك أفعال العباد، وحركاتهم، وكلامهم، فيلزم أن يكون كلامهم كلاماً له بما فيه من الكذب والكفر وقول الزور، وغير ذلك، حتى نباح الكلاب، فأي قول أفسد من قول هذا لازمه؟ وأي ضلال أبعد منه؟
وكلام أئمة الإسلام في بيان بطلان هذا القول كثير جداً.
قال الإمام ابن جرير - رحمه الله -: ((وأما قوله: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسىَ تَكليِماً} فإنه يعني بذلك - جل ثناؤه -: وخاطب الله بكلامه موسى خطاباً.
وقد حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا نوح