للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: باب قول الله - تعالى -: {أَنَزَلَهُ بِعِلمِهِ وَالمَلاَئِكَةُ يَشهَدُونَ} .

الضمير في (أنزله)) يعود إلى القرآن، كما هو واضح من الآية، وهي قوله تعالى: {لَكِن اللهُ يَشهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِليكَ أَنَزَلَهُ بِعِلمِهِ وَالمَلاَئِكَةُ يَشهَدُونَ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا} . {لَكِن} للاستدراك مما سأله اليهود فيما ذكره الله عنهم بقوله: {يَسأَلُكَ أَهلُ الكِتابِ أَن تُنَزِلَ عَلَيهِم كِتَاباً مِنَ السَمَاءِ} ، فهم يرون أن مجيء الوحي إليه بواسطة جبريل غير كافٍ في الدلالة على نُبُوَّته، وأنه إذا كان صادقاً فليأت بكتاب من السماء، كما جاء موسى - عليه السلام - بالتوراة مكتوبة.

ثم ذكر تعالى أنهم سألوا موسى ما هو أكبر من ذلك، سألوه أن يُرِيَهم الله جهرة، وعدَّد تعالى ما فعلوه من الظلم، والتعنت، والبهتان العظيم، والكفر، ورميهم مريم بالزنا، ومحاولتهم قتل رسول الله عيسى، وأكلهم الربا، وذكر ما أصابهم بسبب ذلك، ثم ذكر تعالى أن منهم راسخين في العلم، ومؤمنين بما أنزل الله من كتاب، ثم أخبر تعالى أنه أوحى إلى محمد كما أوحى إلى النبيين من قبله، وعدد بعضهم، وبعضاً منهم لم يذكره، وأنه تعالى خص موسى بتكليمه، ثم ذكر الحكمة من إرسال الرسل؛ لئلا يكون للناس على الله حجة، ثم قال تعالى: {لَكِن اللهُ يَشهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِليكَ} الآية.

قال ابن جرير: ((يعني بذلك - جل ثناؤه - إن يكفر بالذي أوحينا إليك يا محمد اليهود الذين سألوك أن تُنزِّل عليهم كتاباً من السماء، وقالوا لك: ما أنزل الله على بشر من شيء، فكذبوك، وليس الأمر كما قالوا، ((لكن الله يشهد)) بتنزيله إليك من الكتاب، والوحي، أنزل ذلك إليك، بعلم منه بأنك خِيرَته من خلقه، وصَفيَّه من عباده، ويشهد لك بذلك الملائكة، فلا يَحزُنك تكذيب من كذبك، وخلاف من خالفك، وحسبك بالله شاهداً على

<<  <  ج: ص:  >  >>