للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: " باب قول الله -تعالى-: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} (١) .

قال ابن جرير: " يقول -تعالى- ذكره: هو المعبود الخالق، الذي لا معبود تصلح له العبادة غيره، ولا خالق سواه، البارئ الذي برأ الخلق فأوجدهم بقدرته، المصور خلقه كيف شاء، وكيف يشاء" (٢) .

ومراد البخاري بهذا: بيان أن الله -تعالى- متصف بأنه الخالق، البارئ، المصور في الأزل، والأبد، فهو الخالق قبل وجود المخلوق، وهو البارئ قبل وجود المبري، وهو المصور قبل وجود المصوَّر، فهو -تعالى- لم يزل بصفاته ولا يزال، كما يريد أيضاً بيان أن الخلق الذي هو وصفه -تعالى- غير المخلوق، خلافاً لأهل البدع الذين يشير بهذا إلى الرد عليهم.

قال الزجاج: " أصل الخلق في الكلام: التقدير، يقال: خلقت الشيء خلقاً، إذا قدرته، كما قال زهير:

لأنت تفري ما خلقت وبعض ... القوم يخلق ثم لا يفري

يعني: أنك إذا قدرت الأمر مضيت في عزمك وفعلته، ولست ممن يقدر الأمر ثم لا يعزم على فعله، بل ينثني عن ذلك.

فالخلق في اسم الله -تعالى- هو: ابتداء تقدير النشء.

فاله -تعالى- خالقها، ومنشئها، وهو متممها، ومدبرها، فتبارك الله أحسن الخالقين. {البارئ} يقال: برأ الله الخلق إذا فطرهم.

والبرء: خلق على صفة، فكل مبروء مخلوق، وليس كل مخلوق مبروءاً، لأن البرء من تبرئة الشيء من الشيء، كما يقال: برأت من المرض، ومن الدين.


(١) الآية ٢٤ من سورة الحشر.
(٢) "تفسير الطبري" (١٨/٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>