قال:((باب كلام الرب - عز وجل - يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم)) .
هذا هو الباب الثامن مما يستدل به الإمام البخاري - رحمه الله - على إثبات الكلام لله - تعالى -.
فذكر أولاً قوله - تعالى -: {وَلَقَد سَبَقَت كَلِمَتُنَا لِعبَادِنَا المُرسِلينَ} ثم بوب على قوله تعالى: - {إِنَّمَا قَولُنَا إِذَا لَشَيْءٌ أَرَدناهُ} ، ثم على قوله تعالى: - {قُل لَّو كَانَ البَحرُ مِدَادَاً لِكَلمَاتِ رَبّي} الآيات، ثم ذكر المشيئة والإرادة إشارة منه إلى أن كلامه - تعالى - بمشيئته وإرادته، وأنه إذا شاء أن يتكلم تكلم، ثم ذكر ما بيَّن الله من حال الملائكة عند سماعهم صوت الله - تعالى - بالكلام، وأنهم يصعقون، فإذا أفاقوا قال بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم، وفيه إثبات الصوت لله - تعالى-، وأن كلامه بصوت، وهذا من أبلغ الأدلة على إثبات الكلام لله حقيقة، ثم ذكر قول الله - تعالى -: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} يريد بذلك إبطال قول من يزعم أن كلام الله مخلوق؛ لأن الخلق لا يبدل بخلاف الكلام، فإنه يمكن تبديله، أو يريد أن الأحاديث القدسية من كلام الله حقيقة، وأن كلامه تعالى لا ينحصر في كتبه المنزلة، ثم ذكر هذا الباب الذي نحن في صدد شرحه، وهو كلام الرب تعالى يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، يقصد بذلك أن كلامه تعالى لا انقطاع له ولا نهاية بل متعلق بمشيئته متى شاء تكلم، فكما أنه تعالى تكلم في الأزل، وبعده كلما أراد، فهو يتكلم في المستقبل وفي الحال حسب إرادته.
ثم ذكر قوله تعالى: - {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسىَ تَكليِماً} ليبين أن كلامه حقيقة، وأنه يكون خاصاً وعاماً، ولهذا أعقبه بقوله: باب كلام الرب مع أهل الجنة، ثم ذكر مسألة خلق أفعال العباد، والفرق بين فعل الله تعالى وفعل العبد، ووجوب عدم مشابهة الرب في ذلك وغيره، ولهذا أعقب ذلك بأن ترجم بقول الله - تعالى -: - {فَلاَ تَجعَلُواْ للهِ أَندَاداً