للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الباطل، ولهذا أكثر من البيان لها كما سبق، ومنشأ الاختلاف فيها، يعود إلى أصلين (١) .

أحدهما: مسألة تكلم الله - تعالى - بالقرآن، وغيره.

والثاني: تكلم العباد بكلام الله، وقد حاولت بيان الحق، في كلا المسألتين فيما سبق، قدر ما أوتيت من بيان، والله المستعان.

*****

قال: باب قول الله - تعالى -: {وَاللهُ خَلَقَكُم وَمَا تَعمَلُونَ} .

يريد - رحمه الله - بهذا الباب بيان أن الله - تعالى - هو الخالق لكل شيء، وحده لا شريك له في ذلك، فيدخل فيه: أعمال العباد وأفعالهم، والآية نص فيه: {وَاللهُ خَلَقَكُم وَمَا تَعمَلُونَ} سواء كانت ((ما)) موصولة أو مصدرية، فعلى التقديرين، فالآية دالة على أن أفعال العباد مخلوقة؛ لأن آلهتهم التي يعبدونها صارت على شكل معين، وهيئة خاصة بعملهم وصنعهم.

وقد أطالوا الكلام في إعراب ((ما)) في هذه الآية، وادعى بعضهم إجماع أهل السنة على أنها مصدرية، وشنعوا على المعتزلة، في دعواهم: أنها موصولة، ظانين أنها إذا كانت موصولة، صارت دليلاً على أن العباد يخلقون أفعالهم.

والصواب، أنها موصولة، وأنها لا تدل على أن العباد يخلقون أفعالهم، كما زعم القدرية من المعتزلة.

قال الإمام ابن جرير: ((وفي قوله: ((وما تعملون)) وجهان: أحدهما: أن يكون ((ما)) بمعنى المصدر، فيكون معنى الكلام حينئذ: والله خلقكم وعملكم.


(١) لخصت هذا الفصل من المجلد الثاني عشر من مجموع الفتاوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>