للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله -صلى الله عليه وسلم- (١) .

قوله: " يعلمنا الاستخارة" أي: صلاتها ودعاءها، وهذا من تمام شفقته على أمته، وحرصه على حصول الخير لهم، ودفع كل شر عنهم، وبمثل هذا يعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان ليترك باب ما يعتقدونه في ربهم، من الإيمان بأسمائه وصفاته، وما يجب له، وما يمتنع عليه، ما كان ليترك ذلك بدون إيضاح وبيان لا يحصل معه أي التباس أو اشتباه، وهذا واضح جلي من دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومن حاله، وهو موجب الرسالة، ومن حالة أصحابه أيضاً.

الاستخارة: طلب الخير من أحد الأمرين، الفعل لما هم به، أو الترك، وهي مشروعة في عامة الأمور، كما يدل عليه هذا الحديث، لا يخرج من عموم ذلك إلا الواجب، والمحرم، أما المستحب والمكروه، ففيهما تفصيل، يذكر في كتب الآداب الشرعية، وكتب الفروع.

وقوله: " كما يعلمنا السورة من القرآن " بيان لشدة الاهتمام بها والاعتناء، وهذا من محاسن الإسلام الظاهرة لكل عاقل، وقد كان العرب قبل ذلك إذا هم أحدهم بالأمر ذهب يستقسم بالأزلام، أو ذهب يزجر الطير ليستدل بطيرانه أو نعابه على ما سيحصل له في المستقبل، أو ذهب إليه الكهنة وإخوان الشياطين، وهذا كله رجم بالغيب، وشرك بالله، فعوضه الإسلام عن ذلك بالفزع إلى من بيده أزمة الأمور كلها، ومن يملك الخير والشر، فيقدمون بين يدي ذلك ركعتين، لتكونا وسيلة بين يدي الطلب، ثم يتوجهون إلى ربهم بهذا الدعاء، الذي فيه التوسل إليه -تعالى- بأسمائه وصفاته، وتوحيد الطلب والنية والقصد.

وقوله: " ليركع" أمر بالركوع، ويحمل على الندب؛ للأدلة الدالة على عدم الوجوب.


(١) انظر: " سير أعلام النبلاء" (٣/١٨٩) ، و "الإصابة" (١/٢١٣) ، و "أسد الغابة" (١/٢٥٦) و "الاستيعاب" (١/٢١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>