يقصد بهذا التمييز بين فعل العبد، وفعل الرب - تعالى - وصفاته.
فتحريك النبي - صلى الله عليه وسلم - لسانه بالوحي هو فعله، ولكن المحرك به اللسان هو كلام الله وصفته، ولهذا قال:((وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حين ينزل عليه الوحي، يعني: أنه كما قال ابن عباس: يعالج من الوحي شدة، وكان يحرك شفتيه بالقرآن، وذلك عندما يتلوه عليه جبريل، فيحرك لسانه وشفتيه بما يقرؤه جبريل، خوفا من أن يفوته شيء منه، فنهاه الله - تعالى- عن ذلك حيث يقول:{لاَ تُحرِك بِهِ لِسَانَكَ لِتَعجَلَ بِهِ} أي: تستعجل بحفظه، مخافة أن يفوتك فلا تحفظه.
وتكفل الله له بأن يحفظه إياه، فقال تعالى:{إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ {١٧} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {١٨} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} يقول تعالى لنبيه: لا تستعجل إذا سمعت جبريل يقرأ عليك القرآن، فتحرك به لسانك وشفتيك مخافة أن لا تحفظه، بل أنصت، واستمع لما يقرأه جبريل، فنحن نجمعه، فلا يذهب منه شيء.
و ((قرآنه)) يعني: قراءته التي يقرؤها عليك جبريل، فإذا قرأه فاتبع قرآنه)) فكان - صلى الله عليه وسلم - يستمع لما يقرؤه عليه جبريل، فإذا انتهى قرأه النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله من تحريك شفتيه ولسانه وما يعالج من الشدة كل ذلك فعله وعمله، وهو مخلوق.
أما ما يحرك به لسانه وشفتيه، فهو كلام ربه - جل وعلا -، ومثل ذلك جبريل.
قال المؤلف في بدء الوحي، بسنده عن ابن عباس، في قوله تعالى:{لاَ تُحرِك بِهِ لِسَانَكَ لِتَعجَلَ بِهِ} قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعالج من التنزيل