((روى الإمام أحمد، وابن أبي شيبة من حديث جابر، أن عمر أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – بكتاب أصابه من أهل الكتاب، فقرأه عليه، فغضب، وقال: ((لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل، فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني)) ورجاله ثقات إلا أن مجالداً فيه ضعف)) (١) .
ولهذا نهى ابن عباس عن سؤالهم، وبين أنه ليس هناك ما يدعو إلى سؤالهم، وقد أغنى الله المسلمين بكتابه الذي تولى حفظه بنفسه، فلا يقدر أحد على تغييره وتبديله، وهو أيضا آخر الكتب نزولا من عند الله، فهو أحدثها به، نزل عليكم بعد كل الكتب التي يحدثونكم عنها.
مع أن الذي عندهم قد اختلط الحق فيه بالباطل، فلا يتميز، وما كان فيه من حق فهو منسوخ بالقرآن الذي جاء به خاتم النبيين – صلى الله عليه وسلم -.
ومما يدل على أن أهل الكتاب لا يريدون الحق: كونهم لا يسألون المسلمين عما جاء به نبيهم، وهذا مما يمنع من سؤالهم. وقد سبق ذكر بعض الآيات التي تنص على تحريفهم وتبديلهم الكتاب بما يكذبونه؛ ليشتروا به من حطام الدنيا ما استطاعوا، فمثل هؤلاء حرام سؤالهم؛ لأنهم يضلون من سألهم والشاهد قوله:((وكتابكم الذي أنزل الله على نبيكم – صلى الله عليه وسلم – أحدث الأخبار بالله)) ، والحديث هو الجديد، ضد القديم، وهذا معنى قوله في الآية:{مَا يَأتِيهِم مِن ذِكرٍ مِن رَّبِهِم مُّحدَثٍ} أي: جديد. وقوله:((محضاً لم يشب)) أي: خالصاً، لم يخالطه شيء من غيره.
*******
قال:((باب قول الله – تعالى -: {لاَ تُحرِك بِهِ لِسَانَكَ} وفعل النبي – صلى الله عليه وسلم – حين ينزل عليه الوحي)) .