وقد جاء نص القرآن بأن التكليم يكون من وراء حجاب، وعلى قول المنكرين للحجاب لا يمكن أن يكون بينه وبين عباده حجاب حقيقي، ولا ترجمان، وهذا يلزم منه إما إنكار وجود الله، أو أنه حال مع خلقه، تعالى الله عن ذلك.
ومذهبهم في المسألتين من أعظم الباطل - أعني الرؤية والكلام - لأنهم يقولون: التكليم: هو خلق إدراك الكلام؛ لأن كلام الله معنى قائم بنفسه.
كما أنهم يقولون: الرؤية هي رفع الموانع، وخلق الرؤية في العين، فعلى هذا يكون الذي يراه المؤمنون في الجنة شيئا مخلوقاً، والنصوص تبطل ذلك، وكذلك العقل والفطر إذا سلمت من الانتكاس، والتغيير.
٧١ - قال:((حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، عن أبي عمران، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((جنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب، آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن)) .
قال الحافظ: في رواية الحارث بن عبيد، عن أبي عمران الجوني، في أول هذا الحديث:((جنان الفردوس أربع، ثنتان من ذهب)) ... الخ.
وهذا يبين أن الحديث قد حذف شيء من أوله.
وهو يدل على تفاوت منازل الجنة ودرجاتها، فبعضها أعلى من بعض حساً ومعنى، حيث يكون بناؤها من الذهب، وأوانيها من الذهب، ومعلوم أن الذهب هو أغلى المعادن وأنفسها لدى المخاطبين بالقرآن عند نزوله، ويجوز أن يكون فيها ما هو أعلى من الذهب وأرفع؛ لأن الله - تعالى - أخبر أن فيها ما لا عين رأته، ولا أذن سمعته، ولا خطر على قلب بشر، وتقدم البحث في درجات الجنة.