للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان الحجاب كما يقول هؤلاء: هو عدم خلق الرؤية، فذلك مشترك بين الأقسام الثلاثة، فلا يكون لمن كلم من وراء حجاب ميزة.

وبطلان ذلك ظاهر.

وقوله تعالى: {مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} معناه: من خلف حجاب، وعدم خلق الرؤية عدم محض، ليس له خلف، ولا أمام، فعلم أن الحق إثبات الحجاب لله حقيقة؛ لأنه موجود.

والتقدير على قولهم: أن يقال: ((أو من وراء عدم خلق الرؤية)) وهذا يشبه كلام المجانين، ولا يجعل هذا معنى كلام الله إلا زنديق متلاعب بالقرآن.

الثامن: أنه تعالى قال في الكفار: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} (١)) ، فجعل حجابهم يوم القيامة، ولو كان الحجاب هو عدم خلق الرؤية لكانوا محجوبين في الدنيا والآخرة، ولكان المؤمنون أيضاً داخلين في ذلك، معذبين بهذا الحجاب الذي عذب به الكفار في الآخرة.

ولكنه حجاب خاص يحجب الله به الكفار حين يتجلى للأبرار.

ثم هذا الذي قالوه في الحجاب حمل للفظ على ما لا تحتمله اللغة بوجه من الوجوه فهو تبديل للغة، كما هو تحريف للقرآن وتبديل لمعانيه)) (٢) .

قوله: ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه)) .

وفي رواية ((حاجب)) وهذا يدل على وجود الحاجب كما تقدم، ويدل على جواز أن يكون له ترجمان يبلغ عنه.


(١) الآية ١٥ من سورة المطففين.
(٢) ((نقض التأسيس)) بتصرف وتلخيص، وانظر بقية الوجوه فيه (٣/١٤٥-١٥٤) مخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>