السادس: أن من تأمل نصوص الكتاب والسُّنَّة، وما ورد في ذلك من الآثار عن الصحابة والتابعين، علم بالضرورة علماً يقيناً لا يستريب فيه أن لله حجاباً، وحجباً منفصلة عن العباد، يكشفها إذا شاء، فيتجلى، وإذا شاء لم يكشفها.
وإذا كان الحجاب كما يقول الرازي وذووه:((هو الجسم المتوسط بين جسمين)) فلازم الحق حق، لا يمكن أن يدفع حيث علم بالاضطرار من دين المرسلين، فلا يدفع بما أحدثه سلف الرازي، وأئمته، ولا بما يشنعون به على أهل السُّنَّة من اصطلاحات، وألفاظ ابتدعوها، ما أنزل الله بها من سلطان.
فإن من أعظم بدعهم: قولهم: إن الله ليس بجوهر ولا جسم، وهذا هو الصنم الأكبر الذي صدوا به عباد الله عن معرفته، والإيمان به.
وهو الذي عُطل الله به من أسمائه وصفاته.
بل هو أساس الشرك والردة، والنفاق، وإن كان قد اغتر به طوائف من أهل الإيمان، لم يعلموا ما قصده واضعوه الذين أفسدوا به فطرة العباد التي فطرهم الله عليها، وأفسدوا به معاني كتاب الله، وصدوا به عن سبيل الله.
وهو لهؤلاء المبتدعة كاللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى للمشركين القدماء.
فإن الله - تعالى - لم ينزل في شيء من كتبه، ولا قال أحد من رسله، ولا أحد من ورثتهم: إن الله ليس بجوهر ولا جسم، وإن كان إثبات ذلك أيضاً بدعة وضلالة، إلا أن نفيه أعظم وأضل.
السابع: أن الله - تعالى - قال:{وَمَا كَاَنَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحيًا أَو مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} ومعلوم أن هذا التكليم مثل ما حصل لموسى، وهو أرفع درجة من التكليم بالوحي، وإرسال الرسول باتفاق المسلمين، كما دل على ذلك الكتاب والسُّنَّة.