قال - رحمه الله -: ((أحدها: أنهم يقولون: إن الحجاب هو ما يخلقه الله في العين من الرؤية المتعلقة به تعالى.
وهذا باطل بالضرورة؛ لأنهم فسروا الحجاب بعدم الإدراك في أبصارهم، والعدم لا يخلق ولا وجود له، فهو ليس شيئاً.
الثاني: أنه ثبت في الحديث قوله: ((فيكشف الحجاب، فينظرون إليه)) .
وكشف الشيء: إزالته ورفعه، وهذا لا يوصف به المعدوم، فإنه لا يزال، ولا يرفع، وإنما الذي يُزال ويُرفع: الموجود.
الثالث: أنه قال: ((فيكشف الحجاب فينظرون إليه)) فجعل النظر متعقباً لكشف الحجاب. وعند هؤلاء المبتدعة: الحجاب هو عدم خلق الرؤية، وضده خلق الرؤية، فيكون زوال ذلك العدم هو عين الرؤية، لا يكون شيئاً يتعقب [كشف] الحجاب، وتقدم أن العدم ليس شيئاً.
الرابع: أن في الحديث: ((حجابة النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه)) .
ولو كان كما زعموا هو خلق الرؤية لم يكن كشف ذلك يحرق شيئاً. فالمؤمنون يرون ربهم في عرصات القيامة، وفي الجنة، ولا تحرق رؤيتهم شيئاً.
الخامس:[أنه] ثبت في ((الصحيحين)) : ((وما بين القوم وبين أن ينظرون إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه، في جنة عدن)) .
وعلى قول هؤلاء: ما بينهم وبين أن ينظرون إليه إلا زوال ذلك العدم بخلق الرؤية في أعينهم.
ومعلوم أن عدم خلق الرؤية فيهم ليس هو رداء الكبرياء، ولا هو على وجه الله الكريم، ولا هو في جنة عدن، ولا هو شيء أصلاً حتى يوصف بصفات الموجود.